كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



في الأوائل، وأعطي صلى الله عليه وسلّم علم الأولين وعلم الآخرين، فكان الكشف في هذه الأمة وقرأ ابن مسعود والأخوان وحفص: {يُضِلُّ} 2: 26 مبنيا للمفعول، وهو مناسب لقوله: {زُيِّنَ} 2: 212، وباقي السبعة مبنيا للفاعل، وابن مسعود في رواية، والحسن ومجاهد، وقتادة، وعمرو بن ميمون، ويعقوب: {يُضِلُّ} 2: 26 أي الله، أي يضل به الذين كفروا أتباعهم.
ورويت هذه القراءة عن الحسن، والأعمش، وأبي عمرو، وأبي رجاء، وقرأ أبو رجاء:
{يُضِلُّ} 2: 26 بفتحتين، من ضللت بكسر اللام، أضلّ بفتح الضاد منقولا، فتحها من فتحة اللام، إذ الأصل أضلل، وقرأ النخعي ومحبوب عن الحسن: نضل بالنون المضمومة وكسر الضاد، أي فضل نحن.
ومعنى تحريمهم عاما وتحليله عاما: لا يراد أن ذلك كان مداولة في الشهر بعينه، عام حلال وعام حرام، وقد تأول بعض الناس القصة على أنهم كانوا إذا شقّ عليهم توالي الأشهر الحرم، أحل لهم المحرم، وحرم صفرا بدلا من المحرم، ثم مشت الشهور مستقيمة على أسمائها المعهودة، فإذا كان من قابل، حرّم المحرم على حقيقته، وأحلّ صفر، ومشت الشهور مستقيمة، وإن هذه كانت حال القوم.
وقال ابن عباس، وقتادة، والضحاك: الذين شرعوا النسيء هم بنو مالك من كنانة، وكانوا ثلاثة.
وعن ابن عباس: إن أول من فعل ذلك عمرو بن لحيّ، وهو أول من سيب السوائب وغيّر دين إبراهيم عليه السلام، وقال الكلبي: أول من فعل ذلك رجل من بني كنانة يقال له: نعيم بن ثعلبة.
والموطأة: الموافقة، أي ليوافقوا العدة التي حرّم الله، وهي الأربعة ولا يخالفونها، وقد خالفوا التخصيص الّذي هو أصل الواجبين، والواجبان هما العدد الّذي هو أربعة، في أشخاص أشهر معلومة، وهي رجب وذو القعدة، وذو الحجة والمحرم. يقال: تواطئوا على كذا، إذا اجتمعوا عليه، كأن كل واحد منهم يطأ حيث يطأ صاحبه، ومن الإيطاء في الشعر، وهو أن يأتي في الشعر بقافيتين على لفظ واحد ومعنى واحد.
قال ابن عطية: ليحفظوا في كل عام أربعة أشهر في العدد، فأزالوا الفضيلة التي خصّ بها الأشهر الحرم وحدها، بمثابة أن يفطر رمضان، ويصوم شهرا من السنة بغير مرض أو سفر. باختصار من البحر المحيط: [5/ 416- 418].
أكثر مما كان في غيرها، لغلبة البرد واليبس على سائر الأمم قبلنا، وإن كانوا أذكياء وعلماء فآحاد مهم معينون بخلاف الأمة المحمدية، ألا ترى كيف ترجمت هذه الأمة جميع علوم الأمم، ولو لم يكن المترجم عالما بالمعنى الّذي دل عليه لفظ المتكلم به لما صح أن يكون مترجما، ولا كان ينطبق على ذلك اسم الترجمة، فقد علمت هذه الأمة علم من تقدم، واختصت بعلوم لم تكن للمتقدمين، ولهذا أشار صلى الله عليه وسلّم بقوله: «فعلمت علم الأولين»، وهم الذين تقدموه، ثم قال: «وعلم الآخرين»، وهو علم ما لم يكن عند المتقدمين، وهو ما تعلمته أمته من بعده إلى يوم القيامة، فقد أخبر عليه السلام أن عندنا علوما لم تكن قبل، فقد ثبت له صلى الله عليه وسلّم السيادة في الدنيا في العلم، وثبت له أيضا السيادة في الحكم حيث قال: «لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني»، وتبين ذلك عند نزول عيسى عليه السلام، وحكمه فينا بالقرآن، فصحّت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلّم السيادة في الدنيا بكل وجه ومعنى.
ثم أثبت له السيادة على سائر الناس يوم القيامة بفتحه باب الشفاعة، ولا يكون ذلك لنبي في يوم القيامة. إلا له صلى الله عليه وسلّم، فقد شفع صلى الله عليه وسلّم في الرسل والأنبياء أن تشفع، نعم، وفي الملائكة، فأذن الله تعالى عند شفاعته عليه السلام في ذلك لجميع من له شفاعة من ملك ورسول ونبي ومؤمن أن يشفع، فهو صلى الله عليه وسلّم أول شافع بإذن الله تعالى، وأرحم الراحمين، أخرج من النار من لم يعمل خيرا قط كما ورد في الحديث الصحيح، فأي شرف أعظم من دائرة تدار يكون آخرها أرحم الراحمين، وآخر الدائرة متصل بأولها، ولا شرف أعظم من شرف محمد صلى الله عليه وسلّم، حيث كان ابتداء الأشياء، وبه كملت، وما أعظم شرف المؤمن حيث ثلث شفاعته بشفاعة أرحم الراحمين، فلا دائرة أوسع من دائرة محمد صلى الله عليه وسلّم، فإن له الإحاطة- ولأمته بحكم التبعية فلها الاحاطة- بسائر الأمم، ولذلك كانوا شهداء على الناس.
وأعطى الله محمدا صلى الله عليه وسلّم ما لم يعط غيره، فمن ذلك القرآن لم يبدل ولم يحرف، ولا نسخت شريعته بل ثبتت محفوظة، واستقرت بكل عين ملحوظة، يستشهد بها على كل طائفة، وخصّ صلى الله عليه وسلّم بعلم الأولين والآخرين، وبالتؤدة والرّفق والرحمة {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [33: 43]، وما غلظ على من غلظ إلا بالأمر الإلهي حين قيل له {جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [9: 73]، فصحت له السيادة على العالم بما تقرر، فإنه لم يحصل لغيره.
قال تعالى: {يُحَرِّفُونَهُ من بَعْدِ ما عَقَلُوهُ} [2: 75]، وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [15: 9]، فلذلك ثبت القرآن ولم يحرف، وكذا علمه الإحاطي لم يكن لغيره ممن تقدمه، ومما خص به: السيف الّذي بعث به، وقتال الملائكة معه، فإن ذلك لم يكن لغيره، وهو من رتبة الكمال، وبعث من قوم ليس لهم همّ إلا في قرى الضيفان ونحر الجزور، والقتال الدائم الّذي لم يكن في غيرهم من الناس، وبهذا ولهذا كانوا يتمدحون كما هو معروف في أشعارهم، ولا خفاء عند كل أحد بفضل العرب على العجم بالكرم والشجاعة، وإن كان في العجم كرماء وشجعان كما في العرب بخلاء وجبناء لكن آحاد، والكلام يقع في الغالب لا في النادر، فهذا أمر لا ينكره أحد.
ومما اختص به صلى الله عليه وسلّم أنه حببت إليه النساء، فإن حبهن بكون الله تعالى حببهن إليه، فكان يحبهن، ومن سنته النكاح لا التبتل، وجعل النكاح عبادة، وحبب إليه أيضا الطيب.
أخرجه النّسائيّ في كتاب عشرة النساء، باب [1]، حب النساء، حديث رقم [3949]: حدثنا الشيخ الإمام أبو عبد الرحمن النّسائيّ قال: أخبرنا الحسين بن عيسى القومسيّ قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا سلّام أبو المنذر عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «حبّب إليّ من الدنيا النساء والطّيب، وجعل قرة عيني في الصلاة»، وحديث رقم [3950]: أخبرنا عليّ بن مسلم الطوسيّ قال: حدثنا سيّار قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «حبّب إليّ النّساء والطيب، وجعلت قرّة عيني في الصلاة». قال الحافظ السيوطي: قال بعضهم: في هذا قولان: أحدهما: أنه زيادة في الابتلاء والتكليف، حتى يلهو بما حبب إليه من النساء، عما كلف من أداء الرسالة، فيكون ذلك أكثر لمشاقه وأعظم لأجره.
والثاني: لتكون خلواته مع ما يشاهدها من نسائه، فيزول عنه ما يرميه به المشركون من أنه ساحر أو شاعر، فيكون تحببهن إليه على وجه اللطف به، وعلى القول الأول على وجه الابتلاء، وعلى القولين فهو له فضيلة.
وقال التستري في شرح الأربعين: «من» في هذا الحديث بمعنى في، لأن هذه من الدين لا من الدنيا، وإن كانت فيها، والإضافة في رواية «دنياكم» للإيذان بأن لا علاقة له بها.
وفي هذا الحديث: إشارة إلى وفائه صلى الله عليه وسلّم بأصلي الدين، وهما التعظيم لأمر الله، والشّفقة على خلق الله، وهما كمال لقوّتيه، النظرية والعملية، فإن كمال الأولى بمعرفة الله، والتعظيم دليل عليها، لأنه لا يتحقق بدونها، والصلاة لكونها مناجاة الله تعالى على ما قال صلى الله عليه وسلّم: «المصلي يناجي ربه»، نتيجة التعظيم على ما يلوح من أركانها ووظائفها.
وكمال الثانية في الشفقة وحسن المعاملة مع الخلق، وأولى الخلق بالشفقة بالنسبة إلى كل واحد من الناس، نفسه وبدنه، كما قال صلى الله عليه وسلّم: «أبدأ بنفسك ثم بمن تعول»، والطيب أخص الذات بالنفس، ومباشرة النساء ألذّ الأشياء بالنسبة إلى البدن، مع ما يتضمن من حفظ الصحة، وبقاء النسل المستمر لنظام الوجود، ثم إن معاملة النساء، أصعب من معاملة الرجال، لأنهن أرق دينا، وأضعف عقلا، وأضيق خلقا، كما قال صلى الله عليه وسلّم: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للبّ الرجل الحازم منكن». فهو عليه الصلاة والسلام أحسن معاملتهن بحيث عوتب بقوله تعالى: {تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ} 66: 1، وكان صدور ذلك طبعا لا تكلفا، كما يفعل الرجل ما يحبه من الأفعال، فإذا كانت معاملته معهن هذا، فما ظنك بمعاملته مع الرجال، الذين هم أكمل عقلا، وأمثل دينا، وأحسن خلقا؟.
وقوله صلى الله عليه وسلّم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة»، إشارة إلى أن كمال القوة النظرية أهم عنده وأشرف في نفس الأمر، وأما تأخيره فللتدرج التعليمي من الأدنى إلى الأعلى، وقدم الطيب على النساء، لتقدم حظ النفس على حظ البدن في الشرف.
وقال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: الأنبياء زيدوا في النكاح لفضل نبوتهم، وذلك أن النور إذا امتلأ منه الصدر، ففاض في العروق، التذت النفس والعروق، فأثار الشهوة وقوّاها.
وروى عن سعيد بن المسيب أن النبيين عليهم الصلاة والسلام، يفضّلون بالجماع على الناس، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «أعطيت قوة أربعين رجلا في البطش والنكاح، وأعطى المؤمن قوة عشرة»، فهو بالنّبوّة، والمؤمن بإيمانه، والكافر له شهوة الطبيعة فقط.
قال: وأما الطيب فإنه يزكي الفؤاد وروى أحمد والترمذي من حديث أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أربع من سنن المرسلين: التعطّر، والحياء، والنكاح، والسواك»، وقال الشيخ تقي الدين السبكي: السّرّ في إباحة نكاح أكثر من أربع لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، أن الله تعالى أراد نقل بواطن الشريعة وظواهرها، وما يستحيا من ذكره، وما لا يستحيا منه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم أشدّ الناس حياء، فجعل الله تعالى له نسوة، ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله، ويسمعنه من أقواله، التي قد يستحي من الإفصاح بها بحضرة الرجال، ليكتمل نقل الشريعة، وكثر عدد النساء ليكثر الناقلون لهذا.
واختص أيضا بإعجاز القرآن، وأعطي جوامع الكلم، ولم يعط ذلك نبي قبله، واعطي كما قال: ستا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبله: بعث إلى الناس كافة فعمت رسالته، ونصر بالرعب، وأحلت له ولأمته الغنائم، وجعلت له ولأمته الأرض مسجدا وتربتها طهورا، ومما خصّ به أن أعطاه الله مفاتيح خزائن الأرض، وخصّه بصورة الكمال فكملت به الشرائع وكان خاتم الأنبياء، ولم يكن ذلك لغيره.
فبهذا وأمثاله انفرد بالسيادة الجامعة للسيادات كلها، والشرف المحيط الأعم صلى الله عليه وسلّم، وكان من رتبة الكمال الّذي اختص به عليه السلام في جميع أموره: الكمال في العبوديّة فكان عبدا صرفا لم تقم بذاته ربانية على أحد، وهي التي أوجبت له السيادة، وهي الدليل على شهوده على الدوام، وقد قالت عائشة رضي الله عنها:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يذكر الله على كل أحيانه»، وهو أمر يختص بباطن الإنسان وقوله، وقد يظهر خلاف ذلك بأفعاله مع تحققه بالمقام، فيلتبس على من لا معرفة له بالأحوال، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
واستدل به صاحب المبسوط من الحنفية على إظهار كرامة الآدمي وقال: لأن الآدمي خلق من ماء وتراب، وقد ثبت أن كل منهما طهور، ففي ذلك بيان كرامته. قال محققه:
وحديث جابر، يغني عنه ما رواه ابن ماجة، وابن حبان، والحاكم بإسناد حسن عن ابن عباس مرفوعا: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر»، وما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة: «أن رجلا أعمى سأل النبي صلى الله عليه وسلّم أن يصلي في بيته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب»، وهذا في الفرائض كما هو معلوم، أما النافلة فلا تختص بالمسجد بل هي في البيت أفضل، إلا ما للشرع دليل على استثنائه، والله تعالى أعلم. فتح الباري:
1/ 574 كتاب التيمم باب [1] حديث [335].
ذكر التنويه بذكر رسول صلى الله عليه وسلّم من زمن آدم عليه السلام فخرج الحاكم من حديث عمر بن أوس الأنصاري، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: «أوحى الله إلى عيسى: يا عيسى، آمن بمحمد ومن أدركه من أمتك أن يؤمنوا به، فلولا محمد ما خلق آدم، ولولا محمد ما خلقت العرش على الماء فاضطرب، فكتبت عليه لا إله إلا الله فسكن» قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد.
وذكر إبراهيم بن طهمان. عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن....
وروى عنه حفص بن عبد الله السلمي، وخالد بن نزار، وابن المبارك، وأبو عامر العقدي، ومحمد بن سنان العوفيّ، ومحمد بن سابق البغدادي وغيرهم، وروى عنه صفوان بن سليم، وهو من شيوخه.
قال ابن المبارك: صحيح الحديث، وقال أحمد وأبو حاتم وأبو داود: ثقة. زاد أبو حاتم: صدوق حسن الحديث، وقال ابن معين والعجليّ: لا بأس به، وقال عثمان بن سعيد الدارميّ: كان ثقة في الحديث، لم يزل الأئمة يشتهون حديثه، ويرغبون فيه، ويوثقونه.
وقال صالح بن محمد: ثقة، حسن الحديث، يميل شيئا إلى الإرجاء في الإيمان، حبب الله حديثه ميسرة قال: قلت: يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قال: لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات، وخلق العرش، كتب على ساق العرش: محمد رسول الله، خاتم الأنبياء، وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء، وكتب على أبوابها اسمي، والأوراق والقباب والختام وآدم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله تعالى أنه سيد ولدك، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه، وخرج الطبراني من حديث عبد الله بن مسلم، حدثنا إسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال: يا رب، بحق محمد صلى الله عليه وسلّم إلا غفرت لي، فأوحى الله إليه: وما محمد، ومن محمد؟ فقال: يا رب، إنك لما أتممت خلقي رفعت رأسي إلى عرشك فإذا عليه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك، فقال: نعم، قد غفرت لك، وهو آخر الأنبياء من ذريتك، ولولاه ما خلقتك». قال البيهقي: إلى الناس، جيد الرواية، وقال إسحاق بن راهويه: كان صحيح الحديث، حسن الرواية، كثير السماع، ما كان بخراسان أكثر حديثا منه، وهو ثقة.
وقال يحيى بن أكثم القاضي: كان من أنبل الناس ممن حدّث بخراسان والعراق والحجاز، وأوثقهم وأوسعهم علما.
وقال أحمد: كان يرى الإرجاء، وكان شديدا على الجهمية، وقال أبو زرعة: ذكر عند أحمد، وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فنتكئ.
وقال الدار الدّارقطنيّ: ثقة، إنما تكلموا في الإرجاء، وقال البخاري في التاريخ: حدثني رجل، حدثني علي بن الحسن بن شقيق، سمعت ابن المبارك يقول: أبو حمزة السكري، وإبراهيم بن طهمان العلم والحديث.
قال البخاري: وسمعت محمد بن أحمد يقول: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن إبراهيم فقال:
صدوق اللهجة، وقال ابن حبان في الثقات: قد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات، وقد تفرد عن الثقات بأشياء معضلات.
قال الحافظ ابن حجر: الحق فيه أنه ثقة صحيح الحديث إذا روى عنه ثقة، ولم يثبت غلوه في الإرجاء ولا كان داعية إليه، بل ذكر الحاكم أنه رجع عنه. تهذيب التهذيب:
1/ 112- 114، ترجمة رقم [231] باختصار.
تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه عنه، وهو ضعيف.
قال كاتبه: هو أبو زيد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب، ضعّفه أحمد وأبو داود والنسائي، وقال ابن عدي: له أحاديث حسان، وهو ممن احتمله وصدقه بعضهم، وهو ممن يكتب حديثه، وخرجه الحاكم من حديث عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن جده عن عمر بنحو أو قريب منه، ثم قال: حديث صحيح الإسناد.
وروى أبو بكر بن أبي الدنيا من حديث سعيد بن جبير أنه قال: اختصم ولد آدم أي الخلق أكرم علي الله تعالي؟ فقال بعضهم: آدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته، وقال آخرون: بل الملائكة الذين لم يعصوا الله، فذكروا ذلك لآدم، فقال: لما نفخ في الروح لم يبلغ قدمي حتى استويت جالسا، فبرق لي العرش، فنظرت فيه: محمد رسول الله، فذاك أكرم الخلق علي الله.
وروى الحسين بن علي بن أبي طالب مرفوعا: «أهل الجنة ليست لهم كني إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد توقيرا وتعظيما»، وقال محمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة: حدثني عبد الرحمن بن عبد المنعم عن أبيه عن وهب قال: أوحي الله تعالي إلي آدم عليه السلام: أنا الله، وبكة أهلها خيرتي، وزوارها وفدي كنفي، أعمر بيتي بأهل السماء وأهل الأرض، يأتونه أفواجا شعثا غبرا، يعجون بالتكبير عجيجا، ويرجون بالتلبية رجيجا، ويثجون بالبكاء ثجا، فمن اعتمره لا يريد غيره فقد زارني وضافني، ووفد إليّ، ونزل بي، وحق لي أتحفه بكرامتي، أجعل ذاك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناه لنبي من ولدك يقال له إبراهيم، أرفع له قواعده، وأقضي علي يديه عمارته، وأبسط له سقايته، وأريه حله وحرمه، وأعلمه مشاعره، ثم تعمره الأمم والقرون حتى ينتهي إلي بني من ولدك يقال له محمد، وهو خاتم النبيين، فأجعله من سكانه وولاته وحجابه وسقاته، ومن سألك عني يومئذ فأنا الشعث الغبر الموفين بنذورهم، المقبلين إلي ربهم.